تمديد عطلة الأمومة في الجزائر: التزام رئاسي يتحقق ومكسب اجتماعي جديد

في خطوة تعكس التزام الدولة الجزائرية بتعزيز الحماية الاجتماعية وترقية مكانة المرأة العاملة، عرض وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب، اليوم الأربعاء 11 جوان 2025، أمام لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني بمجلس الأمة، مشروع قانون يهدف إلى تعديل وتميم القانون رقم 83-11 المؤرخ في 2 جويلية 1983، المتعلق بالتأمينات الاجتماعية، فيما يخص عطلة الأمومة.

ويأتي هذا المشروع، حسب ما أوضحه الوزير، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الصادرة عقب اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 9 فيفري 2025، والتي قضت بتمديد عطلة الأمومة إلى خمسة (5) أشهر كاملة، أي ما يعادل 150 يوما، عوضا عن 98 يوما المعمول بها حاليا، مع الإبقاء على التعويض اليومي بنسبة 100% من الأجر، وهو ما يمثل تحولا نوعيا في سياسة الرعاية الأسرية والعدالة الاجتماعية.

أبعاد إنسانية ومراعاة للخصوصية

وأكد بن طالب أن المشروع يتضمن أحكاما ذات بعد إنساني واجتماعي واضح، إذ يمنح الأم التي تضع مولودا مصابا بإعاقة أو بمرض خطير حق الاستفادة من تمديد أول للعطلة بـ50 يوما إضافية، مع إمكانية تمديد ثانٍ يصل إلى 165 يوما إضافيا، بناءً على الملف الطبي، بما يضمن للأم الوقت الكافي للعناية بمولودها في ظروف ملائمة تحترم الكرامة الإنسانية.

تعزيز التوازن بين الأسرة والعمل

واعتبر الوزير أن هذا التعديل يعكس رؤية الدولة في تحقيق توازن فعلي بين الحياة المهنية والحياة الأسرية للمرأة العاملة، ويدعم جهودها في بناء أسرة مستقرة، في ظل بيئة عمل محفزة تراعي خصوصية الأمومة، وتكرّس مبدأ العدالة الاجتماعية.

وأشار الوزير إلى أن الجزائر كانت سباقة منذ استقلالها في حماية حقوق الأم، حيث وقّعت سنة 1962 على الاتفاقية رقم 03 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة، كما أقرت في 1983 عطلة أمومة تتجاوز الحد الأدنى الدولي المحدد بـ14 أسبوعا، ما يترجم عمق التقاليد الوطنية في المجال الاجتماعي.

أرقام تعكس تطور السياسة الاجتماعية

وسجل الوزير ارتفاعا ملحوظا في عدد المستفيدات من عطلة الأمومة، حيث انتقل من 94 ألف مستفيدة سنة 2013 إلى 131 ألف مستفيدة سنة 2024، مع تضاعف النفقات من 9,8 مليار دينار جزائري إلى 26,5 مليار دج، ما يعكس النجاعة والجدوى الاجتماعية لنظام الضمان الاجتماعي الوطني.

خطوة متقدمة في مسار حماية الأسرة

وختم بن طالب عرضه بالتأكيد على أن مشروع القانون يمثل مكسبًا نوعيًا في مسار ترقية حقوق المرأة العاملة، ويجسد توجه الدولة الاجتماعية نحو حماية الأسرة والطفولة، في إطار بناء مجتمع متوازن قائم على الاستقرار الأسري والكرامة الإنسانية.

نظام ضمان اجتماعي نموذجي

وتجدر الإشارة إلى أن المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي تعد من بين الأكثر سخاء على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ تتجاوز الحد الأدنى لعطلة الأمومة المعمول بها دوليًا، وتوفر تعويضا ماليا كاملا بنسبة 100%، إلى جانب تغطية طبية شاملة تشمل نفقات الرعاية خلال الحمل وبعد الولادة، ما يجعل من التجربة الجزائرية نموذجًا يحتذى به في مجال الرعاية الاجتماعية وحماية الأمومة.

نسيمة شرلاح

زر الذهاب إلى الأعلى