سقوط أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.. إيران تُعيد رسم خرائط القوة في الشرق الأوسط
منذ عقود، روّج الإعلام الغربي والنخب السياسية الموالية للكيان الصهيوني لفكرة أن “إسرائيل” تمثل جزيرة تفوق عسكري مطلق وسط محيط عربي وإسلامي ضعيف ومهزوم. كانت تلك الرواية قائمة على أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، المدعومة بغطاء استخباراتي غربي، وتمويل غير مشروط، وتحالفات عسكرية عابرة للقارات. غير أن الأحداث الأخيرة، في ظل اشتداد المواجهة مع إيران، بدأت تُسقط القناع عن هذه الأسطورة، وتكشف عجز الكيان الصهيوني في التعامل مع خصم يضرب بذكاء واستراتيجية.
إيران تقلب المعادلة: من الدفاع إلى المبادرة
في الأسابيع الأخيرة، ردت إيران على سلسلة هجمات استهدفت منشآت سيادية وعلمية حساسة على أراضيها، بضربة صاروخية دقيقة طالت عمق الكيان الصهيوني، مخترقة تحصينات “القبة الحديدية”، ومستهدفة مواقع عسكرية واستخباراتية ذات طابع استراتيجي. لم يكن الرد العسكري فقط رسالة انتقام، بل إعلانًا بأن زمن الحصانة الإسرائيلية المطلقة قد ولى إلى غير رجعة.
تصعيد جديد: إيران ترد على أميركا مباشرة
وفي تطور خطير وغير مسبوق، شنت إيران هجومًا مباشرًا على قواعد أميركية في المنطقة، كرد على واشنطن عقب تورطها مع الكيان الصهيوني في انتهاك السيادة الإيرانية. هذه العملية التي حملت اسم “بشائر الفتح” استهدفت قاعدة العديد الجوية بقطر وعددًا من المواقع العسكرية الأميركية الأخرى، في رسالة واضحة بأن طهران لم تعد تفصل بين “المعتدي الأصلي” وشركائه في العدوان.
الهجوم الإيراني شكّل تحولا استراتيجيا في قواعد الاشتباك، وقد يعيد رسم ملامح المواجهة في الشرق الأوسط برمّته، لا سيما أن واشنطن باتت اليوم أمام تحدٍ حقيقي: إما التورط في حرب شاملة، أو التراجع عن دورها كدرع عسكري للكيان الصهيوني.
هجوم ثلاثي.. واستدراج أميركي
جاءت هذه التطورات بعد قصف ثلاث منشآت رئيسية في أصفهان وطهران وشيراز، ردت عليها إيران بضربات نوعية. لكن الانخراط الأميركي بدا مكشوفًا، ما دفع بطهران إلى نقل المعركة إلى قواعد الجيش الأميركي نفسه، في خطوة تُنذر بكسر التوازنات التقليدية في المنطقة.
سيناريوهات الرد الإيراني القادمة
الخبراء العسكريون يرسمون الآن سيناريوهات متشابكة، أبرزها:
1. توسيع نطاق الضربات لتشمل مواقع أميركية إضافية في الخليج، مع التركيز على الرمزية السياسية والعسكرية.
2. مزيد من التنسيق مع الحلفاء في محور المقاومة لضرب قواعد إسرائيلية وأميركية بشكل متزامن.
3. رفع سقف التهديد للطاقة العالمية عبر استعراض القدرة على تعطيل الملاحة في مضيق هرمز مؤقتًا.
4. فتح جبهات متزامنة تشمل جنوب لبنان، شمال فلسطين، اليمن، والعراق، ما يُفقد العدو القدرة على المناورة.
إسرائيل.. عزلة داخلية وخارجية
في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل التظاهر بالثبات، تظهر الحقيقة داخل الشارع الإسرائيلي أكثر هشاشة من أي وقت مضى. الملاجئ ممتلئة، الرحلات الجوية في حالة فرار دائم، والرأي العام الإسرائيلي بات يتساءل عن جدوى هذه الحروب التي لا تنتهي، بل أصبحت ترتد على الداخل.
المظاهرات الأخيرة في تل أبيب، والتي رفع فيها متظاهرون لافتات تطالب “بالمغفرة من إيران”، تكشف حالة التمزق النفسي والسياسي الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي. أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، انهارت أمام عيون الجنود الذين وجدوا أنفسهم في مرمى النيران الإيرانية دون حماية حقيقية.
الإعلام المضلل.. شريك في العدوان
ما يثير القلق هو استمرار بعض وسائل الإعلام، حتى في دولنا العربية، في رفع معنويات العدو والتشكيك في قدرات المقاومة، وكأنها تشارك الكيان الصهيوني حربه النفسية. وهذا تمامًا ما كان يحدث في زمن الاستعمار الفرنسي للجزائر، عندما وصفوا المستعمر بالقوة التي لا تقهر، وظنّوا أن تحرير الجزائر حلم مستحيل. لكن الشعوب لا تموت، والإرادة لا تُهزم، وقد تعلمنا من التاريخ أن الكفاح الصادق قادر على تحطيم أعتى الإمبراطوريات.
إيران وحدها في الميدان.. لكنها لا تُهزم
بينما تواجه إيران تحالفًا دوليًا واسعًا، من قوى عظمى وصهيونية ومتخاذلين عرب، لا تزال طهران تحافظ على تمركزها الاستراتيجي، وتمتلك أوراقًا كثيرة لم تُستخدم بعد. ورغم الخسائر، إلا أنها تخرج من كل معركة أكثر تماسكا، وأكثر جرأة على كشف عجز العدو.
في المقابل، الكيان الصهيوني لم يخض حربًا يومًا بمفرده. تاريخه العسكري قائم على الدعم الغربي، والمظلة النووية الأميركية، والمخابرات المشتركة. واليوم، ومع انكشاف الغطاء، نرى الكيان يتخبط، يطلب النجدة من حلفاء لم يعودوا قادرين أو راغبين في خوض حرب مفتوحة نيابة عنه.
من هنا تبدأ النهاية
الشرق الأوسط يقف على أعتاب مرحلة مفصلية. الكيان الذي طالما قدم نفسه على أنه “القلعة التي لا تُخترق”، يعيش اليوم في ظل رعب الصواريخ، وتآكل الردع، وارتباك الحلفاء. وإذا كانت غزة وحدها قد زلزلت الصورة، فإن محور المقاومة بقيادة إيران يقترب من كتابة فصل جديد قد يطوي صفحة التفوق الإسرائيلي إلى الأبد.
كما قال أحد المحللين الغربيين:
“إذا كانت الأساطير هي ما جعلت إسرائيل عظيمة، فإن الحقائق اليوم تُسقطها واحدة تلو الأخرى.”
نسيمة شرلاح.