تأثير السياسات التجارية العالمية على اقتصاديات الدول النامية – 2025، نموذج المعرض الإفريقي للتجارة البينية (IATF 2025)

تشهد الدول النامية في عام 2025 ضغوطًا متزايدة بفعل التحولات العميقة في السياسات التجارية العالمية، وما رافقها من انكماش اقتصادي وتصاعد حالة عدم اليقين التي انعكست سلبًا على النمو والاستثمار والاستقرار المالي. فقد تراجعت الصادرات، ضاق المجال المالي، تأجلت الاستثمارات، وانخفضت المساعدات الخارجية، ما جعل الاقتصادات الضعيفة أكثر هشاشة أمام الأزمات المتتالية. وفي المقابل، برز التعاون الإقليمي والإصلاحات الهيكلية كخيار استراتيجي لتعزيز القدرة على الصمود.

ملامح التأثيرات العالمية على الاقتصادات النامية:
1- التحول نحو اقتصاد متعدد الأقطاب: أطلقت الصين عبر قمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في سبتمبر 2025 مبادرات لتعزيز نفوذ الجنوب العالمي، بإنشاء بنك تنموي وتخصيص 2 مليار يوان لدعم الطاقة النظيفة، في إطار بناء هياكل مالية وتقنية بديلة تدفع نحو تعددية قطبية.
2- تصاعد عدم اليقين التجاري: تقرير الأونكتاد (UNCTAD) أكد أن مؤشر عدم اليقين بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف التجارة واضطراب الأسواق.
3- تباطؤ النمو وتراجع الصادرات: الأمم المتحدة توقعت تراجع نمو الدول الأقل دخلاً إلى 4.1% بدل 4.6%، فيما خفّض بنك التنمية الإفريقي توقعات نمو إفريقيا إلى 3.9% في 2025.
4- تراجع ثقة المستثمرين: حالة عدم اليقين صارت بمثابة “تعريفة خفية” دفعت المستثمرين لتأجيل المشاريع وإعادة هيكلة سلاسل التوريد.
5- تعزيز التعاون جنوب – جنوب: التجارة بين الدول النامية تمثل ثلث التجارة العالمية، بنمو يفوق المتوسط الدولي، ما يعزز الحاجة لأطر تعاون متينة.
6- إصلاحات اقتصادية داخلية: باتت أولوية لتبسيط الإجراءات الجمركية وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات.
7- السياسات الأمريكية الحمائية: فرض الرسوم الجمركية على معظم الدول فرض تجاوزات إقليمية لتقليل الأضرار.
8- الحروب والصراعات: الحرب الصهيونية – الأمريكية على غزة وما رافقها من أزمات إنسانية واقتصادية عمّقت الضغوط.

IATF 2025… منصة استراتيجية لإفريقيا والجزائر
في ظل هذا السياق، تستضيف الجزائر من 4 إلى 10 سبتمبر 2025 الدورة الرابعة للمعرض الإفريقي للتجارة البينية (IATF)، بتنظيم من أفريكسيم بنك وبالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي وأمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA). ويعد المعرض منصة محورية لتطوير المبادلات التجارية الإفريقية، حيث يستهدف:

تنويع الأسواق وتقليص التبعية للأسواق التقليدية.

إعادة تشكيل سلاسل التوريد في الغذاء والدواء والطاقة.

جذب التمويل عبر البنوك الإفريقية وعلى رأسها أفريكسيم بنك.

إبراز الجزائر كقطب استقرار اقتصادي وجسر تجاري بين إفريقيا والعالم.

تمكين الشباب والابتكار من خلال دعم الشركات الناشئة واقتصاد المعرفة.

رؤية حركة مجتمع السلم
نحن في حركة مجتمع السلم نعتبر أن معرض IATF 2025 ليس مجرد تظاهرة اقتصادية، بل فرصة استراتيجية لإعادة تموقع الجزائر ضمن الاقتصاد الإفريقي والعالمي. ومن هذا المنطلق نؤكد:

ضرورة صياغة خطة وطنية واضحة للاستفادة القصوى من هذا الحدث.

إطلاق إصلاحات عاجلة لتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات.

تعبئة القطاع الخاص وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بدعم تمويلي مرن وبنكي تكافلي متطور.

إبراز الجزائر كجسر اقتصادي حقيقي بين إفريقيا والعالم عبر رؤية دبلوماسية اقتصادية متناغمة واستباقية.

إن التحديات التي تواجه اقتصادات الجنوب اليوم تتطلب رؤية وطنية شاملة لتأمين موقع الجزائر في سلاسل التوريد العالمية وحمايتها من تقلبات الأسواق الدولية. كما نؤكد أن بناء اقتصاد صاعد يتطلب استثمار مقدراتنا الوطنية والانفتاح على فضاءات التعاون الإقليمي والدولي، بما يساهم في مواجهة الهيمنة النيوليبرالية ويعزز قدرة الجزائر على المساهمة في صياغة ملامح النظام الاقتصادي العالمي الجديد.

زر الذهاب إلى الأعلى